dimanche 10 février 2013

خديجة بللودمو: أبجدية اللون ...ومغالبة الواقع !!

خديجة بللودمو: أبجدية اللون ...ومغالبة الواقع !!



الشاعر عيسى ماروك


خديجة محمد البشير بللودمو شاعرة جزائرية من أعماق الصحراء (( تقرت)) صدر لها ديوان همس الرمال سنة 2010 تضمن 26 قصيدة تعددت موضوعاتها ، ولكنها حافظت على العمود الشعري فلم تخرج عن الوزن الخليلي .
وسنحاول في هذه العجالة قراءة قصيدة ((تلوّن)) والغوص إلى أعماقها لنستجلي كنهها وأسرارها .
ولعل الولوج إلى عوالم القصيدة يستدعي الوقوف ببابها (العنوان ) بوصفه عنصرا بنيويا سيميائيا، يقوم بوظيفة الإشارة إلى المتن بصورة مكثفة، مختزلة، موحية بدلالات مقتضبة، ومشوشة، لا تتضح معالمها الكلية إلا بتتبع آثارها في القصيدة .
إن هذا العنوان بهيئته هاته يمثل علامة إغرائية هائلة ونقطة تحد أيضا من حيث انه يفصح و لا يكشف، إنه يجمل ولا يفصل ويطرح أمام المتلقي جملة من التساؤلات ناتجة عن بنائه التركيبي فهو مكون فعلي مركب من دالة واحدة هي من الاقتصاد اللغوي في منتهاه ، فإلام ترمي الشاعرة ؟؟؟
تلوّن = عشْ صنوف الحياة
تلوّن = اخجلْ
تلوّن = خادعْ وراوغْ

فالعنوان بوصفه مركبا فعليا يتضمن الزمن دال على التحول والتغير يشي بإحساس الشاعرة بالزمن الكفيل بتبديل المشاعر من جهة ، والعادات من جهة أخرى لتفسح المكان واسعا أمام غد مشرقا بالنور والندى.
تزحلق على مجة القول صمتا ***** تخطّ حراب الأنا بالوعود
إنّ استحضار الشاعرة للذات المخَاطبة – منذ البيت الأول - من خلال ضمير المخاطب المستتر وجوبا في فعل الأمر هو انعكاس لا واع لطبيعة المجتمع التي لا ترى من حق الأنثى ( القصيدة) أن تفصح عن مكنوناتها بل تلمح ولا تصرح، كما أن ثورتها على الوضع من جهة أخرى من خلال استعمالها لصيغة الأمر التي هي بالأساس طلب القيام بالفعل على وجه الالزام ويصدر من الأعلى رتبة إلى الأدنى رتبة كأنما الشاعرة هنا تقلب القاعدة الشائعة بقوامة الرجل – قاعدة الرجل الشرقي الآمر الناهي حتى في الحب- فتنتزع منه هذ السيادة غير أن اللغة تخونها أحيان فتنهي هذا التجبر المصطنع لتعود إلى ذاتها إلى طبيعتها – التي يفرضها عليها المجتمع – فتتوشح بصيغة النداء وما فيها من قرب إلى النفس ( قرب المنادى )تارة وبالإخبار عم سيؤول إليه حاله بعد فراقها تارة أخرى وهي دعوة إلى التلطف وترك الهجر تستبطن الضعف والرقة في الآن نفسه
أيا مثقلا بالأسى بالرزايا ****** أيا لاجئا بالدجى بالشرود
ستشتاق يوما عتابي البريء ****** وترجو اللقا دون إفك العهود
ومن الملاحظ ان صيغة ( تفعّل ) تدل على المطاوعة والصيرورة إلا أن الشاعرة وظّفتها لتفيد عكسها فهي تبطن اللوم والعتاب على نكران الأيام الجميلة والعهود الخصيبة ولعل صيغة البناء للمجهول في البيت الأخير تفضح ما لمحت به إذ أن العرف في البناء للمجهول يكون للمعلوم بالضرورة فيستغنى عن ذكره إذ ان كل محب يشتهي وصل حبيبه لا محالة ويرجو لقاءه والبقاء إلى جنبه فما حاجتها لتفصح عن ذلك هو شأن المحبين جميعا ؟؟.
فنور الضحى يُشتهى حين ليل ***** ويُرجى الندى بعد هدم السدود
يهمين الايقاع على القصيدة فتتوالى تفعيلات المتقارب في سرعة وخفة تساير الدفقات الشعورية و الحالة النفسية للشاعرة ليكون حرف المد متنفسا للآه المكبوت فيعطي ذلك الشعور بالراحة الناجمة عن إخراج ما في النفس من حزن وأسى في غير ضعف ولا هوان ، فالدال حرف من صفاته الشدة والجهر و القلقلة ، صفات تصدح بها الشاعرة رافضة بشدة خضوعها لتقاليد تزري بذاتها وتجهر برفض تسلط محب جاحد .فهي تدعوه ليذوق بعض ما ألحق بها من عذاب غير ان ذلك لا يخفى اضطرابها وقلقها .
تمزّق على شفرة اليأس يأسا ***** تلظّى كأشباح كهف الجحود
تمدّد على رقعة القلب دمعا ***** تدفّق أخاديد لؤم حقود
********* للمقال هوامش

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire