samedi 9 février 2013

قصيدة" تماهى الحلم "و اشتهاء القراءة

قصيدة" تماهى الحلم "و اشتهاء القراءة


بقلم : عبد الحفيظ بن جلولي


قراءة في قصيدة تماهى الحلم للشاعر الجزائري عيسى ماروك.
"تماهي الحلم" من النصوص التي تمنح القارئ اشتهاء القراءة الثانية أو القراءة النقدية كما يسميها النقاد بعد أن يتجاوز القراءة الأولى أو التذوقية، حيث يقع التلقي على حالة اللاكينونة التي يطرحها العنوان، كعتبة أولى، ليجد لها صدى في المقطع الأول الذي تفتتحه جملة:
"تاهت البدايات"
تتقابل في ذات المقطع هذه الجملة الشعرية مع الجملة:
"حتى تكشفت الحجب"
ففعل التيه يقيده معنى التكشف، وبذلك تتأسس الجملتين كبنية تضادية لتنتج صراعية تمنح التلقي مجالا لاجتثاث المعنى المراد في جملة العنوان "تماهي الحلم"، ولان طبيعة الحلم مجردة استعان الشاعر بقاموس مفرداتي يتأسس عند مفاهيم دالة على بنيات حلمية، فالتيه ينقضي نصيا عند تكشف الحجب، ولان المعنى في تكشف الحجب ينحو صوب الصوفي، فلقد كانت وسائل الشاعر لتحديد اتجاهاته تنفلت من المواضعة المادية:
"لا بوصلة .. ولا سفينة"
ليرسو بالقارئ في أجواء العالم الذي يترّغبه والذي يحايث في طقوسيته عالم التصوف:
"قد كنت من قبل
انحت الحرف قاربا"
فعالم القصيدة لا ينبثق في جوهره من التحديد، بل على العكس من ذلك هو وليد اللاتحديد باعتبار لحظة الإبداع غير معلنة البدايات، لهذا كان التيه لحظة لذيذة تكشفت عند عتبات الحجب، ويكمن انبثاق القصيدة كما يقاربه النص شعريا في ما يصدر عن النّاي من نغم ارتبط في الوعي الموسيقي العربي بالحزن، الذي ليس بالضرورة هو منتج المأساة، ولكنّه كونه المفعِّل الجوهري لشرارة الإبداع المتواطئة دوما مع الفجائعية التي تكسّر وهم المطابقة مع العالم وتؤسّس لفعالية الاختلاف عنه:
المدى يرسم نايا"
طريقا يسيجها الحبر"
تنتج بذلك الكتابة كونها الجمالي، حيث عمد الشاعر إلى ترتيب حقل مفرداتي للسرور الروحي يحيل على بهاء الإنطراح الماهياتي في الشعرية:
"تبرعم كلماتي
تملأ الكون شدوا
تتغرغر بالندى"
لينحت بعد ذلك جوهر الجمالية المتاحة في المخاطب المؤنث، ترميزا لتوالدية اللغة الشعرية التي تماثل الجمالية المدمجة في موضوعة الأنثى كرمز للخصب والنماء:
"فتحبل لمرآك سحائب
وتتفتح رياحين الحرف
إذا عانقت نسائمك"
ولأن شواطئ القصيدة طاعنة في التيه لأنها تروم الحلم، يلتقي السطر الشعري التالي مع جوهر التماهي والتيه في النص:
"ما من مرفإ نلجأ إليه"
لكن تحديد الإتجاه صوب القصيدة يرسمه النص في مدى الذاكرة والطفولة، بما تختزنه الذاكرة من صور للتواصل وارتحال المعنى عبر تجليات العمر المتخمرة في عجائن التجربة،:
"الذكريات زادي"
ولأن الشّعرنة نزق، ترغّب الشاعر مرافقة اللغة له إلى "ينابيع الطفولة" :
"ووجهتي ينابيع الطفولة"
نص مفتوح على قراءات عدة.
عبد الحفيظ بن جلولي كاتب و ناقد جزائري

---------------------------------------
قصيدة تماهى الحلم ..
بقلم : الشاعر عيسى ماروك

تاهت البدايات
في لجج الرؤى
تماهى الحلم
حتى تكشفت الحجب
لا بوصلة ... ولا سفينة
قد كنت من قبل
أنحت الحرف قاربا
يعبر رحيق الأيام
..
نايا يرسم في المدى
طريقا يسيّجها الحبر
وأوراق التوت
*******
تُبرعم كلماتي
تملأ الكون شدوا
تتغرغر بالندى
فتحبل لمرآك سحائب
وتتفتح رياحين الحرف
إذا عانقت نسائمك
****

ما من مرفأ نلجأ إليه
فودعي ترددك
والتحفي طيشي
الذكريات زادي
ووجهتي ينابيع الطفولة !
****
آدم كنت !!
وحواء على ضفة الوقت
تدعوني
دونها أعاصير التأويل
فهل يغفر لي الوطن نزقي؟ !

http://aswat-elchamal.com/ar/?p=98&a=4724

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire