dimanche 10 février 2013

المثقف بين تهميش وتهميش

المثقف بين تهميش وتهميش

 عيسى ماروك



المثقف المقصود في حدثينا هنا ليس أدعياء الثقافة ولا أشباه المثقفين الذين لا تحكمهم المبادئ بقدر ما يهمهم انتحال صفات الغير لأجل منافع لا تصنف إلا في الاطار البيولوجي الذي لا يسمو بصاحبه بقدر ما يحط من قيمته ، ولأن العلاقة القائمة بين المثقف والسياسي هي علاقة تنافر في غالب الاحيان التي لا يمكن ردها للواقع المعاش والأدوار المسندة لكل واحد منهما في المجتمع فقط ، بل كذلك ترد إلى طبيعة كل طرف .
، فالسياسي يطمح إلى السيطرة واستغلال الآخر لخدمته مما يتنافى وطبيعة المثقف التوّاق إلى التحرر والانعتاق ومقولة " الملك و الشعر /الثقافة لا يجتمعان " مقولة عربية قديمة تبرز جوهر كل طرف ومناقضته للآخر وما يمكن أن يلاحظ من تقارب في بعض الأحيان بين النقيضين لا يفسّر إلا بتخلي أحدهما عن طباعه وذوبانه في الآخر وإذا كان تحصن المثقف في الغالب داخل أسوار المعارضة هو انتصار للحرية ودفع للاستبداد والتسلط ، فإن المعارضة لا تكون ذات قيمة ما لم تسهم إيجابيا في تقييم الوضع ونقده وكشف عيوبه وتبيانها من أجل إصلاحها وفتح الأبواب أمام الآراء المضطهدة التي تخاف التعبير عن ذواتها رهبة العواقب المحتملة .
غير أن المعارضة السلبية منبوذة سواء أكانت انطواء على الذات أم عزوفا عن الاسهام في الحياة السياسية العامة لأن شغور المكان يفتح المجال واسعا للقصّر سياسيا وفكريا فيعيثون في الأرض مفسدين ثم أليست الطبيعة تكره الفراغ ؟ وهي كذلك منبوذة إذا كانت هدامة تدفع بالمجتمع إلى الهاوية ولا تضع أمامه بدائل وطرائق كفيلة بإحداث التغييرات المرجوة في تركيبته ...
إذا فالمثقف لم يهمشه غيره فقط من أجل تحييده حتى لا يجسد الدور المنوط به في المجتمع كمثقف وركنه على الرفوف ليكون ورقة جاهزة تستغل في المهرجانات والمناسبات لا غير ،بل إن التهميش في كثير من الأحيان نابع من ذات المثقف التي تحاول ممارسة لعبة الكرسي الشاغر حتى إذا طفا على السطح أدعياء الثقافة وكأنهم وحدهم المعنيون خابت الآمال ....
حين لا يرد من المثقف مجرد تعليق أو بيان على حدث يهز أركان المجتمع نتساءل وبحدة من الذي همّش المثقف والثقافة وعزلها عن هموم المجتمع وتطلعاته ؟

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire